الاثنين، 2 أبريل 2018

قناة السويس .. بوابة الشرق للغرب "دراسة شذى يحيى عن فوتوغرافيا القناة نشرت في العدد التذكاري الصادر عن مركز التراث بدار الهلال بمناسبة افتتاح التفريعة الثانية"


استديو القناة
منذ  بدأ العمل في حفر قناة السويس شاهد السكان والعمال والمقيمين في مناطق الحفر كل أشكال وعجائب تكنولوجيا عصر الثورة الصناعية فالمنطقة الوادعة الهادئة والغارقة في غياهب التاريخ أصبحت فجأة محط انظار العالم وملتقى للمهندسين والمخترعين والأرستقراطيين وأيضا للمغامرين من كافة انحاء المعمورة وكان اغرب ما شاهده هؤلاؤ الناس هو مشهد عربة سوداء قاتمة بشباك واحد صغير يجرها بغل متعثر في رمال الصحراء المقفرة يمشي وراءها ثلاثة من الأجانب يدفعونها دفعاً عبر الممرات والطرق ويساعدهم مجموعة من الأعراب الذين يعملون كأدلةلحساب شركة القنال وإذا سألهم أحد عن هذه العربة قالوا أنها عربة عجيبة تنتج صور شبحية للأرض والناس والعمال هذه العربة هي عربة الأخوين زنجاكي الشهيرة التي كانا يستخدمانها في تحميض الصور الفوتوغرافية التي يصورانها لحساب استوديو القناة المملوك لشريكهم الفرنسي هيبوليت أرنو والذي كان هو أيضاً قد حول مركب لمعمل لتظهير صوره التي يأخذها على ظهره من عرض القناة للسفن المارة وأعمال الإنشاءات والحياة على الضفتين ، فكانت العربة تجوب مواقع العمل في المحطات السبع بطول القناة والمركب يمخر عبابها بطول 160كم مسجلاً كل صغيرة وكبيرة في المجرى المائي مشروع تجاري متكامل مقره الرئيسي كان في الأستديو الذي أسسه أرنو في ميدان القناصل ببورسعيد واستكمل فيه المشروع يأخذ صور للمجموعات الإثنية على الضفتين وفي شبه جزيرة سيناء لمشاهد تمثيلية مستوحاة من الحياة اليومية لمنطقة القناة بغرض طباعة هذه الصور وبيعها  للسياح والأجانب المقيمين في المنطقة ليرسلوها لأهليهم في أوروبا لكن نشاط الاستوديو الأساسي كان نشر ألبومات كاملة لحساب شركة قناة السويس التي رأت في الأستوديو وسلة لخدمة أغراض مفيدة لها ، اول هذه الغراض كان عندما عهدت الشركة لأرنو بعمل مجموعة من الصور للأعمال في منطقة القناة لإجتذاب المساهمين الفرنسيين من خلال عرضها بجناح الشركة في المعرض العالمي بباريس عام1867م وكان هذا قبل شراكته مع الأخوين زانجاكي وهو نفس الأسلوب الذي اتبعته الشركة في المعرض العالمي عام 1889م عندما عهدت للأستوديو بعمل الألبوم الشهير (Album Du Canal De Suez ) بعد هبوط أسهمها هبوطاً حاداً بسبب تعثر العمل في قناة بنما ونجح نجاحاً هائلاً في تلك الفترة ، وما بين عام 1867م وعام1890م قام بخدمات هائلة للشركة من خلال الصور الفوتوغرافية  فقد أستعين به منذ بدابات الحفر لبيان روعة وعظمة الآلات الحديثة المستخدمة لأول مرة في التاريخ في إنشاءات القناة مما عاد بأرباح هائلة على الشركات الفرنسية المنتجة لهذه الآلات واكسب الخبرة الهندسية الفرنسية سمعة عالمية في عمل مثل هذا النوع من المشاريع وإستخدام الآلات البخارية بصورة ممنهجة وبكثافة في اداء مثل هذه الأعمال ومن خلال الصور التي أوضحت مظاهر الحياة حول القناة قبل وبعد إعمار الشركة للمنطقة ظهر نجاح الشركة الجبار في بناء مدن بطراز غربي تتمتع بكل وسائل الراحة والرفاه التي تميز بها العصر الفيكتوري مما دعم دعاية الشركة في أن السويس واحة غربية في صحراء الشرق تصلح للتجارة الحرة والأنشطة السياحية والإستثمار صور مغلفة بطابع رومانسي فقد أرادت الشركة صوراً تظهر إنجازاً فرنسي بعين تفهم الطابع الرومانسي للفرنسيين في تلك الفترة وهو ما نجح أرنو وشريكيه في عمله وقد نجحوا نجاحاً باهراً لدرجة أن الشركة شجعتهم على الإشتراك في الرحلة العالمية التي جابت العالم مروراً بقناة السويس انتج فيها الشركاء ألبومين الأول بعنوان "كولومبو – عدن – السويس" والثاني بعنوان "جاوه – عدن – بورسعيد "  صوروا خلالهم معالم الشرق الأدنى وعدن بالإضافة لمعالم القناة وقد غعتبرت الشركة ان هذه الألبومات دليل مصور عن كفية ربط القناء بين أرجاء العالم بكل سهولة وإستمر تعاون الشركة مع الأستوديو حتى وفاة أرنو في حدود العام1890م بعد هذا التاريخ ورث الأخوين زانجاكي أصول الصور العائدة للأستوديو وقاما بتغيير إسمه إلى أستوديو بورسعيد ثم الأخوين زانجاكي وبعد وفاة جورجيس زانجاكي قام شقيقه قسطنطين ببيع الأستوديو ونقل نشاطه نهائياً إلى القاهرة ومع الأستوديو باع أيضاً أصول الصور لمصورين آخرين كانا قد إفتتحا أستوديو في بورسعيد هما بريديس ولاداداكس والأخير كان قد عمل لفترة كمساعد لهيبوليت أرنو وبهذا طويت صفحة أستوديو القناة .



هيبوليت أرنو (مصور الشركة العظمى)

عندما ضرب فرديناند ديليسبس مجرفة في رمال صحراء السويس الذهبية أثناء الإحتفال الرمزي ببدأ الحفر في القنال كان كل ما يفكر فيه أن يتلو مقطع من الإنجيل لإهدائه للأرض التي جاء منها الإنجيل نفسه ولكن المقطع الذي تكره كان مقطع من قصيدة للشاعر ميلتون يقول فيها
"البحر غير المحصور بلا حدود بلا أبعاد
 حيث يفقد الطول والعرض والإرتفاع والزمان والمكان"
ووصف ديليسبس هذه اللحظة بأنها ستكون دائماً عالقة في الذاكرة ثم تلا بعد ذلك صلاة قال فيها "لعل الرب يبارك بناء هذه القناة العظيمة ويرى إكتمال بنائها من أجل خير العالم وباعتبارها وسيلة للسلام" ، كلا الجملتين لخصتا أهداف ديلسبس وشركته من شق القناة من تقريب المسافات وسرعة الحركة وإلغاء البعاد وتقصير الأمكنة من أجل خير العالم وسلامة ورفاهة ، شسعار رفعته الإستشراقية الرومانسية الفرنسية في منتصف القرن التاسع عشر واستخدمت كل الوسائل للتعبير عنه من كتابات أدبية لمنجزات علمية لمخترعات حديثة ومن ضمن هذا كانت الصور الفوتوغرافية التي سوف تقنع العالم بأن المشروع الفرنسي الطابع والتنفيذ هو مشروع للحضارة والحداثة والسلام ،أحد من آمنوا بهذا وسعوا لإثباته كان المصور الفوتوغرافي  الفرنسي هيبوليت أرنو والذي لا يعرف عن حياته شيء قبل قدومه إلى مصر في العام 1860م وتصويره لبعض المعالم المعمارية الإسلامية والفرعونية والصور الإستشراقية التي يشتريها السياح ،ولإيمانه هذا أعلن أرنو أنه سيستقر في بورسعيد وينشئ ستوديو فيها تحت شعار بدلاً من تصوير الماضي في الوادي فلنصور المستقبل في قناة السويس وهكذا بدأ العمل خطوة بخطوة في حفر برزخ السويس الذي أصبح قناة السويس مستلهماً روح الإستشراق الفرنسي في صوره ومستعيناً بالإضافة إلى الإستوديو بمركب أطلق عليها إسم فوتوغرافيا القنال تابع لأستوديو القناة الخاص به والذي كان مقره ميدان القناصل ثم ميدان ديليسبس بعد ذلك وقد إستعان أرنو على مدى ثلاثين عاماً قضاها في تصوير منظقة القناة بالأساس وباقي مصر ومناطق الشرق الأوسط أيضاً في بعض الأحيان بالعديد من المساعدين والشركاء كان أبرزهم مساعده لدادكيس وشريكاه منذ 1870م وحتى وفاته في مطلع 1890م الأخوين زنجاكي ،وقد تميز أرنو بأنه صور كل جوانب الحياة في مدن القناة بالإضافة لكل ما استطاع تصويره من عادات وتقاليد وأشكال وأزياء الأهالي والمقيمين في المنطقة واهتم أرنو بتوثيق كل ما يمت لها بصلة وكان هو الأطول في الإقامة والأكثر شغفاً بالمشروع  من بين كل المصورين لهذا جاءت صوره مشبعة بسحر خاص يشي بهذا الشغف الذي دفعه للتخلي عن أضواء العاصمة وأحلام الربح السريع التي راودت كل مصوري عصره من المشاهير مثل هنري بوشار وأنتونيو ديزير إيميه ولكجيان ونايا وباسكال صباح وحتى همر شميدت الذي اشتهر بجولاته في الصحراء الليبية لكنه لو يأت للقناة إلا في حفل الإفتتاح ليجوب القناة باحثاً عن تسجيل الحلم الفرنسي في قهر الزمان والمكان في أحد عشر ألبوم تضمنت قصة القناة منذ بداية الحفر وحتى عام 1980م هم الآن من مقتنيات الأرشيف الوطني الفرنسي .
الأخوين زنجاكي
"لقد عرفنا شكل الشرق الأوسط في العصر الفيكتوري من خلال عيون وعدسة الأخوين زنجاكي" لا يوجد اي مبالغة في هذه العبارة فتراث المصورين اليونانيين يربو على 1500صورة شملت بالإضافة لصور قناة السويس صور للسودان والأراضي المقدسة وغور الأردن والجزائر وفلسطين وعدن بل وكولمبو وجاوة أيضاً ،ولا يعرف  عن الأخوين زنجاكي الكثير فجورجيوس (1845م -1895م) وقسطنطين (1845م -1916م) ولدا في اليونان في جزيرة ميلوس وإن رجح البعض أنهما قبرصيان الأكيد أنها هاجرا من موطنهما الأصلي إلى كريت بحثاً عن الثروة ومنها إلى مصر في نهاية الستينات وعلى الأرجح أنهما لم يكونا يمارسان مهنة التصوير الفوتوغرافي قيل وصولهم لمصر واستقرارهم فيها .
في فترة بناء القناة وإزدهار السياحة الغربية في وادي النيل إنتمت صورهم أيضاً للإستشراقية الرومانسية الفرنسية وأجواء الشرق الحالم، في1870م تشارك الأخوين زنجاكي مع هيبوليت ارنو في أستوديو القناة الخاص به والذي وجد في ميدان القناصل ببورسعيد وأنتجت هذه الشراكة مئات الصور لأعمال الحفر في القناة والحياة على ضفتيها وكذلك معالم المدينة والسكان الأصليين ونمط معيشتهم بالإضافة لأنهما قاما برحلات في كافة أنحاء مصر والمناطق المجاورة لها مستكملين نشاطهم في تصوير وبيع الصور أيضاً شاركا أرنو في ما عرف بالرحلة العالمية العظمى (World Grand Tour) في ثمانينات القرن التاسع عشر وبحلول مطلع التسعينات من ذات القرن توفي أرنو واصبح الأخوين هما مالكي أستوديو القناة ،وبعد وفاة جورجيوس 1895م باع قسطنطين الأستوديو وجزء كبير من نيجاتيف الصور.

فرانسيس فريث (1898م -1822م)
في العام 1884م كتب المصور البريطاني الأشهر في عصره فرانسيس فريث في مذكراته الجملة التالية "أنا صنيعة لظروف لم يكن لي يد فيها وصدف لا سيطرة لي عليها منذ اليوم الذي ولدت فيه حتى يومنا هذا"بهذه الكلمات وصف المصور المغامر نفسه ،الرجل الذي كون ثروة من تجارة البقالة قبل أن يبلغ الرابعة والثلاثين من العمر سعى بعدها لن يكون أهم مصور لفوتوغرافيا الرحلات في عصره الذي شهد فجل التصوير الفوتوغرافي وأسس شركة لهذا الغرض أسماها فريث وشركاه وثق من خلالها أهم معالم بريطانيا في القرن التاسع عشر على نفقته وبجهد شخصي منه وكان هدفه من هذه الصور ومن مشروعه كمصور للرحلات الربح التجاري بالدرجة الأولى ،وقد إكتسب فريث سمعته كمصور للفوتغرافيا من رحلاته الإستكشافية الثلاث ففريث عضو جماعة لندن للتصوير الفوتغرافي بدأ رحلته الأولى للإسكندرية في العام 1956م ليصبح بذلك من الرعيل الول للمصورين المهتمين بمنطقة الشرق الأوسط وخاصة بالآثار والآثار المصرية بالذات ،في تلك الفترة كان هناك مصورين كثر في مصر لكن كانت لديهم مشكلة كبيرة في درجة الحرارة العالية التي كانت تتلف أغلب ما يلتقطونه من صور وهو ما دفع فريث لأن يجري العديد من التجارب خلال رحلته إخترع فيها تقنية جديدة لحفظ النيجاتيف على الألواح الزجاجية حقق منها أرباح طائلة وكان هذا أهم إنجازات هذه الرحلة والذي در عليه أرباحاً طائلة عند عودته لبريطانيا بعد قضاء عام كامل في مصر بالإضافة لألبوم الرحلة ،ثم أتبع هذا برحلة في العام التالي أيضاً لمصر وفلسطين ثم رحلته الثالثة والأخيرة وهي الأهم رحلة 1859م التي كانت بحق رحلة إستكشافية تصويرية إصطحب فيها قافلة من المصورين والكاميرات وأدوات التحميض وخيام مبطنة استعملت كغرف مظلمة توجه خلالها لكل المعالم التي صورها مسبقاً والسودان أيضاً لكن منجزه كان أنه المصور الأول الذي إلتقط صور لترعة الإسماعيلية وضفافها والمنطقة المحيطة بها وسجلت صوره بدايات العمل في برزخ السويس قبل أي أحد آخر كما تميزت هذه الصور بالجودة والميل للمدرسة الواقعية الإنجليزية في التصوير حيث إظهار البعد الثالث في الصور ذات البعدين وإيضاح التفاصيل الصغيرة هي اهم ما يميز الصورة ،وقد استمرت هذه الرحلة مدة طويلة حتى العام 1862م لرغبة فريث في العودة للسويس أكثر من مرة لمشاهدة وصول الحفر لبحيرة التمساح الذي يعتقد أنه المكان الذي شق فيه البحر ليعبر بني إسرائيل إلى سيناء وقد صور في هذه الفترة أريحا والقدس وغيرها من الماكن المقدسة واستخدمت هذه الصور لتزيين إنجيل الملكة الذي طبع في العام (1862م -1863م) لكنه لم يعد أبداً لمصر بعد هذا الإنجاز ،بهذه الصور وبقدرته المالية وطباعته ونشره لأعمال مصورين آخرين  سيطرت شركته فريث وشركاه على سوق النشر الفوتوغرافي لفترة طويلة حتى بعد وفاته في كان العام 1898م.

ويلهلم هامرشميدت (1830م -1870م)
عندما إستقر ويلهلم هامرشميدت في القاهرة في العام 1860م كان بالفعل مصوراً نحترف في بلده المانيا ،وفي البداية لو يمارس التصوير الفوتغرافي التجاري بالقاهرة بل افتتح متجراً لبيع معدات ومستلزمات التصوير للمصورين الآخرين لكنه عرض عشر مناظر من مصر في مجمع التصوير الفرنسي في العام1861م وحصل بهم على عضوية المجمع في العام الذي يليه كما دأب أثناء إقامته على عمل دراسة إثنوجرافية واخرى للعادات والملابس معززاً إياها بالصور الفوتوغرافية بعدها إشترك بصور من مصر وسوريا والنوبة في المعرض العالمي في باريس 1967م وهو نفس المعرض الذي عرض فيه أرنو صور للحفر في السويس في الجناح الخاص بشركة قناة السويس وأشرف عليه ديليسبس  أما علاقة هامرشميدت بالقناة فقد كانت قصيرة جداً ولكن مميزة جداً فهامرشميدت صور مراسم إفتتاح القناة وهو ربما صاحب الصور الأكثر وضوحاً لهذا الحدث من على ظهر السفن الألمانية التي شاركت في حفل الإفتتاح وتميزت صوره للإفتتاح بالمميزات التي تميزت بها باقي صوره من وضوح ودقة والحفاظ على طابع الإضاءة في جنوب المتوسط وقد عاد هامرشميدت إلى بلاده بعد الإفتتاح مباشرة ليتوفى في برلين العام التالي للإفتتاح1870م.
جستين كوزلسكي
هذا البولندي المهاجر صاحب ابكلميرا المرهفة كانت بداية ظهوره في باريس العام1830م وبعدها إنتقل إلى القاهرة فالسويس في ستينيات القرن التاسع عشر لم يعرف عنه أكثر من هذا وانه درس الهندسة والفوتغرافيا وانعكس هذا في صوره التي أهتمت إهتماماً كبيراً بآلات الحفر الجبارة ليس من منطلق إظهار عظمة فرنسا كأرنو بل من منطلق الدقة الهندسية لهذه الآلات لهذا كان غالباً يضمن العمال في صوره لتحقيق هذا وربما لأنه لاجيء وأن أغلب العمال الذين كانوا يعملون على الآلات كانوا محكومين فارين من سجن إيطالي في نابولي ظهروا فجاة على شواطئ القناة فاستخدمتهم الشركة بأسعار بخسة لأداء أعمال الحفر أظهر تعاطفاً معهم فجعل صورته أكثر إنسانية وإن كانت بعيدة تماماً عن الرومانسية التصويرية الفرنسية وهذه المميزات جعلت ألبومه عن حفر القناة واحداً من أهم الألبومات التي توثق لفترة الحفر بالرغم من ندرة المعلومات التي تعرف عن صاحبه الذي هاجر إلى أميركا بعد إفتتاح القناة مباشرة ولم يعد لمصر مرة أخرى أبداً.








آلة الحفر العملاقة المستوردة من فرنسا والمصنعة خصيصاً لأعمال الحفر تصوير هيبوليت أرنو

الصفحة الأولى التي تصدرت كل الألبومات التي انتجها استوديو القناة لحساب شركة قناة السويس

سفينة تعبر الممر الملاحي في بداية تشغيله 1869م تصوير هيبوليت أرنو

مرور قافلة من السفن ويظهر في الخلفية مبنى شركة قناة السويس للملاحة تصوير هيبوليت أرنو1875

مشهد لفنار بورسعيد أثناء مرور بعض السفن في السنوات الأولى لتشغيل القناة تصوير أرنو

أول صورة على الأرجح أخذت لمدينة السويس 1857م -تصوير فرانسيس فريث

بداية أعمال الحفر والإنشاء ووصول المعدات لمنطقة برزخ السويس -تصوير فريث 

بداية أعمال الحفر والإنشاء ووصول المعدات لمنطقة برزخ السويس -تصوير فريث

جسر متحرك لمرور قوافل الإمدادات والعبور بين ضفتي القناة- تصوير فرانسيس فريث

مدخل قناة السويس تصوير فرانسيس فريث   Francis Frita. 1858-1860

الأمير عبد القادر الجزائري والخديوي إسماعيل وديليسبس صورة تذكارية لإفتتاح قناة السويس تصوير هامرشميدت

دخول المحروسة لمكان الإحتفال  تصوير ويلهلم هامرشميدت

بانوراما الافتتاح التقطت من أعلى أبراج بنيت خصيصاً للمصورين .تصوير جاستين كوزويلسكي

المنصة الرئيسية - تصوير ويلهلم هامر شميدت

منصة الاستقبال الرئيسية - تصوير ويلهلم هامر شميدت

بوغاز بورسعيد تصوير زانجاكي

حركة السفن عبر القناة وتظهر هنا مباني وإنشاءات الشركة  - تصوير زانجاكي

سفينة بخارية تعبر القناة أمامها لافته كتب عليها بالفرنسية محطة حدود الجنوب تصوير زانجاكي

صورة لماكينة الحفر العملاقة التي صنعت خصيصاً لأعمال الحفر بالقناة تصوير زانجاكي

صورة لماكينة الحفر العملاقة التي صنعت خصيصاً لأعمال الحفر بالقناة تصوير زانجاكيز

صورة عربة الأخوين زنجاكي إلى جوار أبو الهول  يظهر فيها أحد الأخوين - تفصيلة منها للصورة ولزانجاكي

صورة من أعمال الحفر اليومية في القناة مرحة البدايات يظهر فيها عمال السخرة المصريين تصوير ارنو

عربة الأخوين زانجاكي المظلمة والتي كان يتم فيها تظهير الصور

عربة الأخوين زنجاكي في الإسكندرية أمام طواحين الهواء


عربة الزنجاكي بجانب أبو الهول


1882 قصف الإسكندرية 1882م أسفل الصورة أقصى اليمين تظهر عربة الزانجاكي في موقع الحدث

حفل إفتتاح تمثال ديليسبس تصوير زانجاكي

صورة تمثل الملابس الدارجة في منطقة القناة في ذلك الوقت تصوير أرنو لاستوديو القناة





الأحد، 4 ديسمبر 2016

مقبرة توت عنخ أمون ... خطوة في المعركة ضد الإمبريالية الثقافية - مقال شذى يحيى - مجلة الهلال عدد ديسمبر2016

مانشيت جريدة التايمز مالكة الحق الحصري للصور الأولى لإكتشاف مقبرة توت عنخ آمون 30يناير 1923م " التايمز في مقبرة الفرعون – الصور الأولى"


"هذا الكنز سيكون له فوائد مزدوجة ولكننا لم نفهم لماذا أهملت الحكومة مراقبة العمل منذ الإبتداء وحين الإكتشاف إيضاً ،ولماذا لم يوجد أحد حين إكتشاف هذا الكنز ومن القائم بحراسته الآن؟! .... تريد الأمة المصرية اجوبة صريحة على هذه الأسئلة وتريد قبل كل شيء أن تحتفظ الحكومة المصرية بكل هذه الآثار وتبقيها في المتحف المصري".
هذا مقطع من مقال كتبها رئيس تحرير جريدة مصر لصاحبها كيرلس المنقبادي في التاسع من ديسمبر1922م بعد شهر واحد فقط من إكتشاف هاورد كارتر لمقبرة توت عنخ آمون يعكس الجانب الخفي لقصة إكتشاف مقبرة الفرعون الشاب والصراع الذي إستمر لسبعة أعوام وشكل حلقة رئيسية من حلقات الصحوة الأولى للوعي المصري بأهمية الحفاظ على تاريخه كمصدر لفخره الوطني وهويته القومية ،وبالأخص ان هذا الإكتشاف أتى بعد نهاية كابوس الحرب العالمية الأولى التي أحدثت تحولات كبيرة على الضمير الغربي مذكراً الناس بأحبائهم الذين فقدوا صغاراً على جبهات الحروب وفي داخل الخنادق ،فالإكتشاف الذي كان له أكبر الأثر على ثقافة العالم بكل جوانبها في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين من فن تشكيلي وسينما وعمارة وتصميم أثاث وحتى الأغاني والثياب وتسريحات الشعر والمأكولات والمشروبات ، كان له أيضاَ أكبر الأثر على الإتجاه القومي والبحث عن أسلوب مصري ومدرسة مصرية لكل الفنون سواء الفن التشكيلي أو المسرح والسينما والعمارة وحتى طرز الأثاث ، فالصحوة الوطنية الثقافية التي واكبت ثورة 1919م وتأججت مع مقاطعة البضائع الأجنبية وشراء أسهم بنك مصر والإكتتاب على تمثال نهضة مصر ومقاطعة لجنة ملنر والمطالبة بالدستور وقبلها توكيلات الوفد بلغت ذروتها عن الدفاع عن حق مصر في الإحتفاظ بكل قطعه عثر عليها كحق غير منقوص للأمة المصرية الأمر الذي تحقق وكان بمثابة النصر الأول في معركة الثقافة القومية المصرية ضد الإمبريالية الثقافية البريطانية والأمريكية والأوروبية التي هيمنت على الإكتشافات الأثرية في مصر منذ قدوم البعثة العلمية المصاحبة لحملة نابليون على مصر ، بعثة أرست قواعد علم المصريات الأكاديمية ودعائمه  التي رسخت فيما بعد ،فكان هذا الجانب العلمي بمثابة البداية المبكرة لتطور العقلية الثقافية الإستعمارية في أوروبا بعد الحملة فقد كان لعلماء الحملة السبق في طرح أسئلة حول ماهية تاريخ وجغرافيا وقيم وتقاليد وهوية المجتمع المصري على الرأي العام الأوروبي الذي كان يسعى مسبقاً لكشف غموض هذا البلد المهم لأوروبا جغرافياً وكان أيضاً مسرحاً للكثير من القصص الدينية الإنجيلية فخاض رحالة من امثال ريتشارد بوكوك مؤلف كتاب وصف الشرق من (1743م -1745م ) وجيمس بروس الذي قام برحلات لأعالي النيل في 1790م لخوض المجهول حتى قبل الحملة لكشف أسرار أرض النيل ،وبعدها زيادة ولع البريطانين بمصر بعد هزيمة نيلسون لنابليون وذيوع صيت فك شامبليون لرموز حجر رشيد زادت رغبتهم في تعزيز إنتصارهم العسكري بإنتصار ثقافي خاصة بعد أن نشر الفرنسيين كتاب وصف مصر بعد سنوات من إنتهاء الحملة ومع تسابق بريطانيا والدول الإستعمارية الأخرى على مد أواصر صداقتها وعلاقتها مع محمد علي باشا والي مصر الجديد والذي كان يقود ثورة صناعية وإصلاحاً زراعياً ونهضة عسكرية جعلته لاعباً فاعلاً على مستوى حوض المتوسط والشرق الأدنى لأنها رأت فيه خطراً على مصالحها الممتدة عبر العالم ومع الصداقة المزعومة كانت تتسابق أيضاً لمد الباشا بالخبراء في كل التخصصات وفي إنشاء بعثات دبلوماسية ضخمة وايضاً في التوسع في التنقيب عن الآثار الذي كان الياشا في خضم ثورته الصناعية لا يرى فيها أهمية إلا كمصدر للدخل وعملة للمقايضة مع الأجانب وهدايا رخيصة التكلفة لهم ولذلك تم إفساد العديد من المقابر والآثار وهدم العديد من المعابد خلال إنشاء الطرق والترع والمنشآت الحديثة بلا تردد على العكس من هذا رأت البعثات المقيمة في مصر أن الحصول على أكبر قدر من هذه الآثار وشحنها إلى عواصمهم دليل على عظمة هذه الإمبراطوريات ووراثتها لهذه الحضارة العظيمة التي إندثرت في بلادها الأصلية وإزدهرت في بلادهم ،فلم يكتفي هؤلاء بالتجارة مع الباشا في الآثار بل قامت البعثات الدبلوماسية بتأجير وكلاء لها يجوبون أرجاء مصر لشراء الآثار من السكان المحليين ولعل المنافسة بين القنصل البريطاني هنري سولت والفرنسي بيونارد نيودروفين أحد أشهر الأمثلة على كيفية تطوير الثقافة الإستشراقية لتقليد جديد يرسخ لأن التنقيب عن الآثار ومعرفة تاريخ القدماء هو بمثابة الحوار بين حضارتين متقدمتين عبر الأزمنة وأن الثورة الصناعية الحديثة في حقيقتها إمتداد لثورة صناعية قديمة إزدهرت على ضفاف النيل وأتاح هذا التصور للعقل الأوروبي تفسيراً منطقياً لسبب إنهيار الحضارة الفرعونية ليحل محلها التخلف والجهل الذي تعيش فيه مصر في الحاضر وإلقاء اللوم على الغزو الإسلامي ومبادئ الإسلام ولإثبات هذه النظرية مولت مراكز الأبحاث والمؤسسات والجمعيات العلمية مئات البعثات الإستكشافية كما ادلى أغلب الموظفين الأجانب الذين إستقدمتهم الإدارة المصرية بدلوهم في هذه البعثات الإستكشافية وإمتلأت الدوريات الأوروبية بالأبحاث التي تدور حول مصر الفرعونية وإقتصرت مشاركة المصريين في هذه الأبحاث على بضعة مقالات نشرت في مجلة المعهد المصري بفرنسا كتبها رفاعة رافع الطهطاوي الذي كان واحداً من أوائل المصريين الذين إهتموا بعلم الآثار الفرعونية وكذلك بضعة أبحاث للمهندس المصري الأرمني جوزيف هاكيكيان ،والجدير بالذكر أن كلاً من الطهطاوي وهاكيكيان قد إشتركا في محاولة لحصر الآثار المصرية في العام 1830م وإستغرق الحكومة المصرية حتى عام 1850م لإنشاء أول إدارة للمصريات تحت إشراف الفرنسي أوجست مارييت ولإدراكها أنه لا يكفي التصنيع لنيل إحترام الأوروبيين بل لابد من وجود مؤسسات ثقافية وإظهار الوعي بأهمية الآثار ووضع مارييت قانوناً صارماً يجبر المنقبين والبعثات على طلب رخصة للإستكشاف من الحكومة المصرية وأيضاً على تسجيل المكتشفات وأحقية الدولة في ضم ما تراه مهماً منها لملكيتها وظلت إدارة المصريات حكراً على الفرنسيين حتى إحتلال مصر من قبل البريطانيين في العام 1882م ، فبعد هذا التاريخ سعى الإنجليز لتحويل مسار الحياة الأكاديمية والعلمية والثقافية المصرية بالكامل تجاه لندن بدلاً من باريس مما زاد من حدة سباق الإستكشاف بين العاصمتين ،ومع إزدهار السياحة النيلية وما عرف بإسم رياضة التنقيب عن الآثار زاد إزدهار الدراسات الأثرية الكولونيالية وبالطبع لم يكن هذا يحظى برضا المصريين ولكنهم لم يكونوا يملكون الكثير لتغييره وإستمر هذا الوضع لما بعد الحرب العالمية الأولى وقيام ثورة 1919م التي أججت المشاعر الوطنية المصرية وجعلت للمصريين صوتاً مسموعاً على كافة الأصعدة مما دفع بيير لاكو مدير إدارة المصريات في تلك الفترة وبإلحاح من الضغط الصحفي والشعبي على الأخص بعد أن أصبح إهتمام المصريين بتاريخهم الوطني شاغلاً عاماً حتى أن مجلات تلك الفترة ومن قبل إكتشاف مقبرة توت عنخ آمون حفلت بمقالات عن علم المصريات وأسرار التحنيط وأمراض الفراعنة كتبها شباب مصريون نوابغ من أمثال الأثري أحمد كمال والطبيب حسين كمال للإعلان في العام 1921م عن تغيير قانون للترخيص بالتنقيب عن الآثار بحيث أن يكون من حق الحكومة المصرية أن تحصل على كل الآثار المكتشفة أو في أن تختار منها بناء على تقديرها لمدى أهمية هذه الآثار بدون أية إستثناءات لأية جهة وقد أثار هذا القرار حفيظة الموظفين الإنجليز العاملين في هيئة الآثار مما دفع أحدهم وهو المدعو ألبرت ليثجو الذي كان يكره الموظفين المصريين الجدد في الإدارة ويرى أن التنقيب عن المصريات هو من إمتيازات العرق الأوروبي الأبيض وأنه بمثابة الإثبات للسيادة والهيمنة الإمبراطورية إلى رفع مذكرة إلى راعي المصالح الأمريكية في القاهرة الدكتور جي .ميرتون يأمل فيها منه أن يتدخل لدى السلطات لمنع إقرار هذا القانون الظالم والمخالف لروح العدالة وللمعاملة التي  كان يلقاها المنقبون في الأعوام السابقة وأوضح أن الخبراء الإنجليز في الإدارة لا يستطيعون التعبير عن رأيهم هذا صراحة لأسباب واضحة ولكنهم يأملون من الدكتور ميرتون أن يرفع شكواهم هذه للورد اللنبي ليتصرف فيها ولكن اللورد اللنبي كان لديه في هذا التوقيت ما يشغله عن ذلك ألا وهو الغضب الشعبي المصري والمطالب المتصاعدة لإلغاء الحماية وإنهاء الإحتلال.
ووسط كل هذه الجلبة التي كانت تحيط بمصر وفي 4نوفمبر 1922م إكتشف هوارد كارتر ومموله اللورد كارنرفون مقبرة توت عنخ آمون، ومنذ اللحظة الأولى تعامل كارنرفون وكارتر بكل صلف مع إدارة الآثار ومع الصحف المصرية التي فوجئت بأن اللورد قد باع الحقوق الحصرية لصور وأخبار الإكتشاف لجريدة التايمز اللندنية في صفقة هي الأولى من نوعها في التاريخ مقابل خمسة آلاف جنيه إسترليني ،وبدأت الصحف المصرية هجوماً شرساً على اللوردوكارتر، فكتبت الأهرام في عددها الصادر في 4ديسمبر أن اللورد منع مراسلي الصحف المصرية و12من أعيان الأقصر من مشاهدة الكنز الأثري العظيم من ميراث أجدادهم وأنه يلفت نظر الرأي العام لذلك ويطالب الحكومة بأن تنتدب مندوبين لحصر الكنز والإستيلاء عليه ونشرت على صفحتها الأولى مقالاً في الثامن من ديسمبر مقالاً مطولاً عنوانه آثار مصر يجب أن تبقى لمصر أكد فيه الكاتب أنه على السلطات المصرية أن لا تكترث للحملة الصحفية البريطانية الداعية إلى الحصول على حصة من كنوز المقبرة للورد كارنرفون لأنه أنفق أموالاً طائلة على هذا الكشف ،أما جريدة مصر سالفة الذكر فقد كانت نشرت في عددها الصادر في 4ديسمبر 1922م في الصفحة الثالثة مقالاً بعنوان "كنوز مصر يجب أن تحفظ فيها" ذكر به "إن هذه الآثار الثمينة التي إكتشفت ماهي إلا مصرية ويجب حتماً وشرعاً وعرفاً حفظها لمصر وعرضها على كل من يريد من أبناء مصر فأملنا في الحكومة عمل التدابير اللازمة لذلك" ،ونشرت موضوع آخر آخر في السادس من ديسمبر كتب فيه "لا يسوع إحتقار المصري في بلده إلى حد منعه من مشاهدة آثار بلاده ولا يسوع للحكومة أن تفرط في مثقال ذرة من هذه الآثار التي تقدر بملايين الجنيهات" و يستطرد المحرر في كلامه "يكفي ما تبدد من تراث أجدادنا في أوروبا يكفي ما نقل منها إلى متاحف إنجلترا وغيرها " ،أما مجلة اللطائف المصورة فقد نشرت بتاريخ 22يناير 1923م التالي "ومما يسرنا إثباته أن الجرائد العربية ستعطى التفاصيل والمعلومات كما تعطى للجرائد الإفرنجية بدون مقابل ولكن مما يؤسف له أن الحكومة لم تذكر شيئاً عن الصور الجاري تصويرها داخل المدفن بواسطة رجال كارنرفون والتي إحتكرتها جريدة التايمز لتنشرها على قرائها الإنجليز ولا سبيل للصحافة المصورة المصرية إليها فما قول حكومتنا في ذلك؟ وهل هذا من العدل؟" ،وكان هذا الكلام تعقيباً على البيان الرسمي الذي كانت قد أصدرته وزارة الأشغال العمومية ونشر في الأهرام بتاريخ 22ديسمبر جاء فيه "عما قريب تتخذ التدابير اللازمة لنقل هذه العاديات لدار الآثار المصرية بالقاهرة وتنظر الحكومة بعد ذلك فيما إقترحته لجنة حفظ الآثار نحو مكافأة اللورد كارنافون إعترافاً بخدمته للتاريخ" ،وهذا البيان جاء بناء على طلب رسمي من بيير لاكو لكارتر وكارنرفون بتزويد الصحافة المصرية بتقرير يومي عن ما يجري في أعمال التنقيب وهو الخبر السار الذي زفته مجلة الهلال هي الأخرى لقرائها في عدد يناير 1923م مطمئنة إياهم أن كنوز مصر سوف تظل في مصر فنشر محرر باب سر العلوم والفنون تحت عنوان إستكشاف تحف أثرية عظيمة الشأن ،"أما مصير تلك الآثار فليس هناك على ما جاء من بلاغ رسمي من وزارة الأشغال المصرية – ما يدعو لإنزعاج الرأي العام فإنه نظراً لما كانت تعمله وزارة الأشغال العمومية من أهمية منطقة وادي الملوك من الوجهة الأثرية ولما كان منظوراً من العثور فيها على آثار قيمة  فقد نص صراحة في الترخيص المعطى للورد كارنرفون على أنه لايكون له أي حق في الإستيلاء على شيء مما قد يعثر عليه" ،ولم يقتصر كلام الصحف والمجلات المصرية على المطالبة بالحقوق الوطنية الكاملة في الإكتشاف فقط بل أظهرته كمصدر للفخار القومي وربطته بالأحداث الجارية على أرض مصر ومطالب إستقلال أمة مجيدة لا يليق بها أن تحتل أو تهان فنشرت اللطائف المصورة في عددها الصادر يوم 29يناير 1923م كاريكاتير يمثل توت عنخ آمون قائماً من رقدته في التابوت مشيراً للورد كارنرفون قائلاً "فهم شعبك الذي يدعي المدنية أن مصر كانت ولا تزال عريقة في المجد منيعة الجانب تحميها الآلهة وتثأر لها من الغزاة فإغسلوا الإهانة التي ألحقتموها بها وأعيدوا إليها زعيمها الأكبر سعد زغلول وإلا استنزلت روحي عليكم السخط والنقمة إلى الأبد.
كما نشرت المقتطف في عددها الصادر في فبراير 1923م قصيدة طويلة كتبها أحمد بك شوقي إحتفاءً بعظمة الحدث جاء في مقطع منها:
خرجت من القبور خروج عيسى  *  *  *  علـيك جـلالة فـي العـالمينا
يجـوب البرق بإسمـك كـل سهـل  *  *  *   ويخترق البخار به الحزونا
وأقسـم كنت فـي لـوزان شغــلاً   *  *  *   وكنت عجـيبة المتفاوضـينا  
أتعـلم أنهـم صـلفوا و تـاهـوا    *  *  *   و صدوا الباب عنا موصدينا
و لـو كـنا نـجر هـناك سـيفاً     *  *  *    وجـدنا عـندهم عطفاً و لـينا
سيقضي كـرزنٌ بالأمـر عـنا     *  *  *    و حاجات الكنانة ما قضينا
وصاحب هذا الوعي الصحفي المصري وعي أيضاً بأهمية توعية الشعب بخطورة سرقات المقابر على الذاكرة الوطنية المصرية فنشرت المقطف مقالاً عن هذا الموضوع في عدد أبريل 1923م بمناسبة مرور أربعة أشهر على الإكتشاف الكبير تناولت فيه تاريخ سرقات المقابر والآثار الفرعونية منذ القرن الخامس الهجري وكيف أن هذا قضى على مدن بكاملها ومحاها من الوجود.
وقد شكل شهر أبريل علامة فارقة في الأحداث المثيرة التي صاحبت هذا الإكتشاف ففي الخامس من أبريل1923م توفي اللورد كارنرفون تاركاً كارتر في خضم مشاكله مع الإدارة المصرية ومع الرأي العام المصري ،ولإفتقار كارتر للدبلوماسية  ولتعاليه وصلفه الشديدين فقد إكتسب المزيد من الأعداء من كل الجهات ووضع لاكو في موثق حرج وعلى الأخص بعد توافد السياح من كافة أقطاب المعمورة لرؤية الإكتشاف والطلبات الرسمية من دول العالم للزيارة ورفض كارتر وتعامله بصلف مع هذا كله بينما تواصل جريدة التايمز نشر الأخبار والصور في أنحاء المعمورة.
وهي الفرصة التي لم تفوتها اللطائف المصورة للتذكير بهذا فنشرت في عددها الصادر بتاريخ 16أبريل رثاء اللورد كارنرفون جاء فيه "لقد كان لموته وقع أليم في نفوس المصريين رغم ماعرف عنه رحمه الله من الإستئثار بالسلطة في وادي الملوك والتحيز في إعطاء الأخبار لجرائد بلاده فإن المصريين لا ينكرون الجميل فاللورد خدم مصر بإكتشافه الذي جاء في وقت تسعى فيه الأمة المصرية لنيل إستقلالها وحريتها فكان عمله أشبه برفع الستار عن ماضي مصر والمصريين أمام العالم فذكر الحكومات بأن المصريين هم سلالة الفراعنة العام الذين سبقوا العالم في المدنية والعلم" ،وبعد وفاة اللورد إستطاع كارتر إقناع زوجته بالإستمرار في رعاية الإكتشاف ولكن طمعها دفعها لإعادة بيع حقوق تغطية الإكتشاف الحصرية للتايمز مرة أخرى وهو ما إستفز المصريين أكثر مما إضطر كارتر للجوء للخديعة فقام بمنع  التغطية الصحفية للحدث بالكامل ثم عين ميرتون مراسل التايمز في الأقصر كعضو في فريق العمل الإستكشافي الخاص بالمقبرة وأثار هذا غضب وحفيظة إدارة الآثار التي أصبحت هدفاً سهلاً في مرمى الرأي العام بشكل مستمر ومحل إنتقاد من الوطنيين المصريين على مختلف مشاربهم وما زاد وضع كارتر سوءاً  تعيين مرقص حنا بك وزيراً للأشغال العمومية فالرجل الذي كان مناضلاً وفدياً صميماً سبق أن حكم عليه بالإعدام  لم يكن لديه إستعداد للتفريط ولو في ذرة من حقوق بلاده الوطنية فبدأ في إتخاذ إجراءاته لوقف مهزلة إستحواذ كارتر ومساعديه الأمريكان والإنجليز على المقبرة ،ولم يفهم كارتر سبب هذه الإجراءات من قبل الوزير الجديد وعزاها إلى الغيرة من إنجازاته وهذا زاد من مساحة سوء الفهم بينه وبين المصريين فما كان من الوزارة إلا أنها رفعت السقاله الخشبية التي تؤدي إلى مدخل القبر وزاد هذا من غضب كارتر فأغلق باب المقبرة بالكامل في 12فبراير 1924م وترك الممر الخشبي معلقاً في الهواء ووضع مذكرة في صالة الونتربالاس كتب فيها "نتيجة للقيود التي لا تطاق ولقلة تقدير وزارة الأشغال العمومية وإدارة الآثار التابعة لها لفريق العمل القائم على مقبرة توت عنخ آمون فقد قرر هؤلاء أن يتوقفوا عن أية أعمال تختص بالإستكشاف إحتجاجاً على هذه المعاملة" ،ولأن هذا لم يكن إخطاراً رسمياً إعتبرت إدارة الآثار هذا العمل مخالفة صريحة لشروط الترخيص فأعلنت من جانبها أن السيد كارتر وفريق عمله قد أنهوا عملهم بالكامل في المقبرة ورغم محاولات كارتر المستميته وضغوط الحكومات الغربية فإن المصريين لم يتراجعوا عن قرارهم وغادر كارتر مصر إلى أمريكا ولم يعد مرة أخرى إلا بعد مقتل السرادار لي ستاك وسقوط حكومة الوفد وسيطرة البريطانيين مرة أخرى على الحياة السياسية في مصر ، أجل عاد كارتر على أسنة الحراب البريطانية في الأول من يناير1925م ولكن نصره كان بطعم الهزيمة فقد كانت شروط عودته تقتضي بأن لا يكون هناك أي مراسل للتايمز تحت أي مسمى وأن يوافق رسمياً على أن ممتلكات المقبرة بأكملها هي ملك للحكومة المصرية وأن تمول إقطاعية اللورد كارنرفون الإستكشافات في المقبرة حتى العام1930م بما يقدر بحدود 36ألف جنيه إسترليني وبعد هذا تتولى الحكومة المصرية الإنفاق عليه ،وإستمرت أعمال الحفر والتنقيب في المقبرة سبع سنوات بعد ذلك وبهذا إنتهت هذه المعركة بإنتصار الإرادة الوطنية القومية على الصلف الإمبريالي الأوروبي وبنهايتها وضعت مصر يدها بالكامل على كنوزها التاريخية وخطت الخطوة الأولى على طريق إيجاد ثقافة وطنية نابعة من حضارتها وتاريخها خطوة ستتبعها خطوات.



باب مقبرة  توت عنخ آمون وأمامه عدد من عمال الحفر المصريين أفراد من المنقبين العاملين مع كارتر

الصورة الأولى للقناع الذهبي لتوت عنخ آمون بعد كشف غطاء الكتان من عليه

غلاف مجلة اللطائف المصورة ويتصدره رسم تخيلي لمدخل مقبرة توت عنخ أمون

كارتر يقف أمام باب مقبرة توت عنخ آمون بين عمال الحفر المصريين

عمال مصريين يحملون صناديق تحتوي على كنوز مقبرة الفرعون الصغير

هوارد كارتر يفحص التابوت الذهبي لتوت عنخ آمون

هوارد كارتر  وعملية تغليف بعض القطع الأثرية التي وجدت في مقبرة توت عنخ آمون لتجهيزها للنقل

هوارد كارتر إلى جواره اللورد كارنرفون وزوجته ومعهم عدد من مجموعة الإستكشاف في صورة تذكارية بعد الإعلان عن الكتشاف

هوارد كاتر وأعضاء الزيارة الرسمية الحكومية المصرية أثناء فتح تابوت مومياء توت عنخ آمون

كارتر في المنتصف وخلفه مساعده آرثر كلندر إلى جانبه أحد العمال المصرين أمام أحد صناديق الدفن في مقبرة توت عنخ آمون فبراير 1923م


صورة لعدد من الأفواج السياحية التي نظمت لها رحلات لزيارة المقبرة الكشف